RSS

Monthly Archives: October 2017

على متن الفُلك في الثامنة – أولريش هُب

1

في مكان ما في العالم يوجد منطقة حيث كل شيء مليء بالجليد والثلوج. أينما ادار المرء راسه يري فقد الثلج والجليد والجليد والثلج والثلج والجليد.0

إذا نظر المرء عن كثب يستطيع ان يتعرف وسط الثلج والجليد على ثلاث اشكال صغيره. تقف بجانب نعضها البعض وتنظر حول المنطقة. أينما يديرون رؤوسهم أيضا يرون فقط الجليد والثلج والثلج والجليد والجليد والثلج.0

عندما يقترب المرء من هذه الاشكل، يمكنه ان يلاحظ انه ينظر الي ثلاث بطاريق. يشبهون بعضهم البعض تماماً. إذ رأيت واحداً فانت تعرفهم كلهم.0

عندما يقترب المرء أكثر من هؤلاء البطاريق الثلاثة، يستطيع ان يلاحظ بالتأكيد الفرق بينهما. أحد البطاريق أصغر بقليل من الاثنين الاخرين. ولكن أحظر! ينبغي على المرء الا يقترب كثيرا من البطاريق. على الرغم من انها ليست خطيره الا ان رائحتها تشبه الي حد ما السمك.0

رائحتك كريهة «، قال أحد البطاريق.0 «

انت ايضاً «، أجاب الاخر.0«

توقفا عن الشجار «، قال الأصغر وركل كل من الاثنين الاخرين.0«

2

عندما يُركل البطريق، يرد الركلة دائما مره اخري، وعادة ما تكون أكثر قوه. عندئذ بتتابع سريع ووقت قصير تتحول الي معركة حقيقية وفي النهاية تسقط البطاريق الثلاثة نفسها في الثلوج وتنظر الي نفسها في حيرة: » لماذا يجب علينا دائما ان نتشاجر؟«0

وهكذا يمضي يوما مثل اخر. أولا تشاهد البطاريق المنطقة، ثم ينظرون الي بعضهم البعض، ومن ثم يبدأ الشجار.» وفي النهاية إذا حدث أي شيء« يشتكي البطريق الصغير.0

3

في هذا اليوم حدث شيء من. شيء غير عادي، صغير واصفر. طار ثلاث مرات حول رؤوس البطاريق قبل ان تستقر على الثلج.0

» !فراشة «

بسعادة قفزت البطاريق في الهواء وصفقت بحماس بأجنحتها. فيما بعد سيتضح ان ظهور هذه الفراشة كان بداية لكارثة ضخمة. بحذر اقتربت البطاريق ببطء من الفراشة وراقبوها بسعادة. لم يروا شيئا جميلا مثل هذا من قبل.0

سأتخلص منها الان «، قال البطريق الصغير.0 «

  دع هذه الفراشة في سلام «، هتف الاثنين الاخرين. » لكني اريد ان اتخلص منها الان«، قال الصغير.0 «

  »ينبغي عليك الا تقتل«

  »من الذي قال هذا؟«

  »الله«، أجاب البطريقان الاخرين، » الله قال ينبغي على المرء الا يقتل«

»اه«، قال الصغير، ثم اخذ فتره من الوقت وسئل أخيرا »من هو الله؟ «

إذا سئل المرء بطريقاً من هو الله، لا يعرف بالضبط بماذا يجب عليه ان يجيب حول هذا. »اه الله«، تلجلج بطريق، »سؤال صعب. حسنا الله كبير وقويً جداً جداً. خلق الكثير من القواعد ومن الممكن ان تكون غير مريحة إذ لم يتشبث المرء بها. غير ذلك هو ودود للغاية.«0

  لديه فقط عيب صغير«، استكمل البطريق الاخر«

  »وما هو؟ « سئل الصغير بفضول

  »الله غير مرئي«

      ولكن هذا عيب كبير« ظهرت خيبة الامل علي وجه البطريق الصغير. »اذ كان المرء لا يستطيع ان يري الله لا يدري علي وجه اليقين هل هو حقا موجود.« 0

ظهرت علامات الحيرة علي البطريقان الاخرين. ثم سئلوا البطريق الصغير: »انظر مره اخري حولك ووصف لنا بالضبط ماذا تري.«0

.ثلج«، أجاب البطريق الصغير، من غير ان ينظر، لأنه يعلم هذا بالفعل«

4

»تابع«

»جليد«

»تابع«

»ثلج«

 

»!تابع«

»وجليد وثلج وثلج وجليد وجليد «

»ومن الذي خلق كل هذا؟«

الله؟« سئل البطريق الصغير بشك«

»بالضبط« أومأ البطريقان بحماس رأسهما. »وماذا تقول الان؟«

»الكثير خصوصاً ان هذه المنطقة لم تخطر على باله«

ارتجف البطريقان الاخرين ونظرا الي السماء بتوتر. »اسكت، والا سمعك«، همس، »الله يمتلك بالفعل اذان جيده بشكل رهيب، علاوة على ذلك، لقد خلقنا نحن البطاريق.«0

  »إذن يجب عليه ان يعبث بنا« أجاب البطريق الصغير »نحن طيور، ولكن رائحتنا تشبه السمك، لدينا اجنحة، ولكن لا نستطيع الطيران.0

  »!ولكن بذلك نستطيع السباحة«

بالتأكيد. حتى البطاريق سباحين ممتازين. ولكن من الصعب ان تتناقش معهم. إذا كان هناك شيء في رؤوسهم فمن المستحيل اقناعهم بخلافه.» على أي حال لقد اعطي الله اهتمام أكثر لهذه الفراشة«، قال البطريق الصغير بعناد، »لأن الفراشة تستطيع الطيران بأجنحتها أينما تريد، هذا ظلم لذلك سأتخلص منها الان.«0

عندئذ سوف تعاقب«، أنذره البطريقان الاخرين«

»منْ منّ؟«

»من الله«

»متشوق لذلك«

قهقه الصغير ورفع قدمه ووضعها على الفراشة.0

5

كانت ستكون هذه نهاية الفراشة. لكن حدث شيء غير متوقع. صفعتان. أولاً ظهرت المفاجئة علي وجه الصغير ثم بداء بالعواء.0

  »ا« اجل، ابكي بهدوء«، قال البطريقان الاخرين بغير مُبالة. »انت شقي، يجب ان يقال لك كل شيء ثلاث مرات وبالتأكيد انت بطريق سيئ للغاية.0

البطريق لا يكون سعيدا عندما يسمع ان أحدا يقول انه بطريق سيئ. ولكن هذا ما فعله الصغير كما لو كان غير مكترث. بعناد أسقط نفسه على الثلج: »ماذا في ذلك؟ يوجد بطاريق جيدة وبطاريق سيئة، انا مجرد بطريق سيئ. هذا ما انا علية دائماً. لا أستطيع فعل شيء عكس ذلك. علاوة على ذلك هذا ليس خطاي. هكذا خلقني الله«0

6

ضرب البطريقان الاخرين وجههما بأجنحتهما: »لقد جلست لتوك على الفراشة.«0

  قفز البطريق الصغير سريعاً ونظر حوله. هناك حيث كان يجلس، ترقد الفراشة على الثلج. كما كانت صغيره وصفراء، لكن لم تعد ترفرف. جناحها الايسر تكسر تماما.0

انحنا البطاريق الثلاثة معا على الفراشة.0

  »المسكينة ماتت« قال أحدهم، وأضاف الاخر: »الان ذهبت الي السماء«

  »يذهب جميع الذين ماتوا الي السماء؟« استفسر البطريق الصغير«

  »لا، ليس الجميع، فقد الصالحين يذهبون الي السماء، انت على سبيل المثال لست منهم«

  »انا لست صالحاً؟« سئل الصغير بارتباك«

  هزّ الاثنين الاخرين راسهم. »لقد قتلت للتو فراشة«

7

  »!ولكن ليس عن قصد«

  لقد قلت إنك تريد التخلص منها، والان هي مقتولة.« اشارا الي الفراشة التي ترقد على الثلج دون حراك. »الله سيكون غير سعيد« بذلك«

»ربما لم يكن ينظر«، همهم البطريق الصغير«

8

»الله يمتلك عيون غير عادية، هو يري كل شيء، وعندما تموت وتريد الذهاب الي السماء سيمسك بك بنفسه عند البوابة ويقوم بسؤولك«

»حتي ذلك الحين«، يحاول الصغير ان يخفي رجفت صوته، »سيكون نسي امر الفراشة من وقت طويل«

»اود الا أكون علي حق، الله يمتلك ذاكرة قوية، هو لا ينسي ابدا معاقبة بطريق لم يمتثل للقواعد«

»ما هي العقوبة؟«

9

« سوف تفاجئ « تبادل البطريقان الاخرين ابتسامه سريعة. »ربما لم يخلق الله هذه المنطقة بشيء مميز، ولكن عندما يتعلق الامر بالعقاب لديه خيال واسع.0

»انا لا اعتقد بوجود الله.« ضرب البطريق الصغير بقدمه. »فكرتم في ذلك فقد لكي تخفوني. حتى الان أدبر امري جيد جدا دونكما وأنتم«عند هذه الكلمات انزرفت الدموع من عينيه-» أنتم الاثنين أيضا لستما بحاجتي. انا لا اريد أصدقاء يخيفوني. لا اريد ان اراكما مره اخري بقية حياتي!«0

  ثم مشي سريعا مبتعدا عن ذلك بحيث أصبح الثلج كغيوم ملتفه.0

10

ظهرت نظره حيره علي البطريقان الاخرين.0

ماذا حدث له فجأة؟« سئل أحدهم«

»ربما معه حق« قال الاخر. »انا لم اري الله، ولا اعرف أحدا ابدا راي الله. في بعض الأحيان يجب ان يُري الله0«

»اسكت« يخفض البطريق صوته. »الله يراقبنا بإحكام. حتى الان، لا تشعر بذلك؟ انظر الي السماء«

حني كل من البطريقين راسه الي الخلف ونظر الي فوق. غيمة سوداء كثيفة تري في السماء. أحدهما أشار بجناحه الي اعلي وأعلن محتفلاً: »خلف هذه الغيمة يسير الله صعودا وهبوطا ويراقبنا بإحكام.«0

  »كلاما فارغ«، اعترض الاخر، »الله لا يستطيع ان يرانا. الغيمة السوداء تمنعه اذ أراد ان يسير على خط السماء«

  في هذه اللحظة تدحرجت حمامه بيضاء سمينة في الهواء متجهة نحو البطاريق، هبطت برعونة وانقلبت عدة مرات على الثلج.0

تابع البطريقان بفضول هذا الهبوط الغريب. »لا يمكننا اليوم ان نشكو من الملل«، فكرا، »أولاً الفراشة الصغيرة وحتى الان حمامة سمينة.« عندما استعادت الحمامة وعيها نهضت ونفضت الثلج عن جناحيها ووقفت بالقرب من البطريقين. »هل لديكم متسع من الوقت لكي تتحدثا عن الله؟«، سئلت واكملت الحديث دون ان تنتظر الرد: »جيد، احمل لكم رسالة من الله، اسمعوا جدا، الله يقول… ماذا هنا يشبه رائحة السمك؟«0

11

 

Tags: , , , ,